Thursday, February 16, 2017

نداء الولاء (6)

الممر بالمشفى العام حيث والدي المدير طويل وموحش, كريه, رائحته سيئة. العنابر التعيسة على جانبي الممر والمرضى الحزانى يوحون بأن صحة أبي سوف تتحسن بامتصاص دمائهم قريبا. توجهت نحو غرفة الاستراحة الخاصة بوالدي. انتظرت قليلا لأستجمع نفسي وأجهز كلماتي. طرقت الباب. فتح لي والدي وكانت يداه مملوءتان بالدماء فعرفت أن عنده ضحية جديدة. لم أحتمل المشهد, ركضت كثيرا حتي خرجت للهواء الطلق. ما زلت لا أتخيل كيف يلتهم الفقراء من مرضاه بحجة أنه يريحهم من الحياة.. ولم لا يمتص دماء حيوانية وكفى؟ يقول أنها تضعف طاقته كمصاص دماء وتجعله رقيقا لا يقوى على الحياة. باغتني بسؤاله لي حيث جاء من خلفي عند النافذة الموجودة بنهاية الممر: أهلا ولاء ماذا جاء بك هنا؟ تلفتت حولي ثم سألته: هل من مكان آمن نظيف يمكننا الحديث به؟ شعرت من نظرته لي بعدم الرغبة في الحديث معي لكنه تقدمني نحو غرفة جانبية ثم فتحها ودلفنا كلانا للداخل.
-ما الأمر إذن ولاء؟
ترددت كثيرا ثم أجبته في سرعة: هناك شاب يريد الزواج بي.
صمت قليلا ثم قام عن كرسيه واقترب مني سائلا: -من هو؟
تلعثمت وأنا أقول: إنه جارنا نداء. توقعت صفعة والدي فتراجعت من فوري نحو الباب مباشرة لكنه لم يصفعني بل قال: -لا أوافق..ما ردك؟
تعجبت من بروده ثم قلت بشجاعة: إذن سأتزوجه.
أجابني بذات الهدوء وهو يدخن سيجاره الفاخر: لا يمكن أن تتزوجي من بشري عادي.
أجبته: لكنه مختلف هو مذءوب.
صمت والدي قليلا ثم قال: أيضا لا أوافق..ما ردك؟
شعرت أنه يعرف ضعفي أمامه ويتحداني فقررت التحدي قائلة: إذن سأتزوجه وسترى.
قهقه والدي قائلا: سنرى نعم..إذهبي للمنزل ابنتي العزيزة وأعدك بوجبة شهية من دماء القطط الليلة. 
شعرت بالحزن على ضعفي واستسلامي لوالدي الذي لم يتوقع جديتي بالأمر وذهبت من فوري لمقابلة نداء.
...................................................................................................................................................
لن أتخلى عن ولاء أبدا فهي من ساعدتني بالتخلص من آلامي وجعلتني أتصالح مع ذاتي وأحبها, بالفترة التي تركتني بها ولم تعرني أي اهتمام كنت أجالس نفسي كثيرا وحادثتها ووجدت ان وجود ولاء بجواري يجعل مني إنسانا أو أقرب كثيرا للإنسان الذي يمتلأ بالخطأ والصواب وعليه أن يقبل ذاته كما هي ويطور من غرائزه كيلا تؤذي الأبرياء. ولاء فتاة رقيقة حقا, تحبني وأنا لن أتخلى عنها..أتمنى أن يوافق والدها على زواجنا و ..........قاطع أفكاري صوت ولاء وامي يتحادثان خارج غرفتي وكانت والدتي ترحب بها كالعادة. صوت طرقات ولاء على باب حجرتي أسعدني, فتحت لها الباب ودخلت باكية فوق كتفي. 
-نداء أبي يرفض زواجنا بل ويسخر مني.
هدأت من روعها قليلا وربتت كتفها قائلا:
-لقد أخبرتك من قبل, لا حل سوى الزواج بالنادي, فما رأيك.
مسحت دموعها ثم ارتدت للوراء قليلا قائلة: فلنذهب الآن للنادي.
...................................................................................
استقبلنا رائد بنادي المختلفين استقبال الفاتحين وأخبر الجميع بقصتنا وكيف أنه سيجهز لمراسم العرس المميز لكنه أخبرني بأن هناك شخص ما يجب عليه الحضور في مثل تلك المناسبات, رحبت بذلك حيث قال أن الشخص هو مؤسس النادي وكبير المختلفين بالبلاد كما أنه يشجع زواج المختلفين كليا مثل مصاصي الدماء والمذءوبين وأن من مبادئه العدل والمساواة وعدم تشيع الفرق بين المختلفين بل كلنا سواء. انتظرنا قليلا حيث تم استدعاء جميع الأصدقاء والمأذون لعقد القران وجلست وولاء في كرسي العرس ثم تم الإعلان عن وصول مؤسس النادي وحياه رائد بصوت عال قائلا : "السلام للدكتور طارق السمري". ارتجفت ولاء عند دخول والدها لكننا لم نستطع أن نفعل أي شيء سوى المواجهة. فوجئت بالدكتور طارق السمري ينظر لنا بقوة ويقول بثقة وتؤدة: لدي مفاجأة لكم أحبتي فالعروس هي ابنتي ولاء كما أنني لم أرد ان أخبركم بذلك كي أفاجيء ابنتي وعريسها العزيز بهدية العرس وهي خاتم العرس الماسي, ثم أخرج من جيبه علبة حمراء..يا للمنافق حسن التصرف, عندما فوجيء بالأمر كذب كي يحافظ على هيئته بين جمعه ومريديه من المختلفين.. قدم العلبة لي في يدي ثم قرب فمه من أذني قائلا: لن أدعك تهنأ بابنتي أيها الوغد الكريه..ثم قبل جبيني ووجنتي ولاء قائلا: باركما الرب أبنائي ثم عقد القران. يبدو ان الدماء البشرية التي يمتصها قد جعلت لديه من القوة ما ثبته على موقفه لكن..هل سننعم أنا وولاء بزواجنا؟؟ وما سيكون مصير أبناءنا؟ أعتقد أن تلك مسئوليتنا سويا فلنهنأ الآن ونشرب كأس الفرح والسعادة. 

Sunday, February 12, 2017

بارانويا العشق

لا أحب اللون الرمادي..اللون الرمادي سبب وجودي بهذا المكان القميء, كان أبي يرتدي الملابس الرمادية وزوجي كذلك وعمي وحبيبي رقم 1 وجميعهم قساة عتاة لم يعرفوا الحنان ولا الرحمة. وبهذا المكان اللون الرمادي هو الملك فالجدران رمادية والأثاث أبيض مائل للرمادي والحوائط كذلك. وهو أيضا جنى علي ذاته بارتدائه الملابس الرمادية. كل يوم يأتيني صوته من الطرقة الطويلة المؤدية لغرفتي قائلا: "والله العظيم لأستقيل واسيبلكم المخروبة دي تتطربق على دماغكم ولا انتحر وارتاح" ثم يدخل غرفتي ويغلق الباب مكفهرا بنظراته في وجهي. يحمل بيده ملفا كتب عليه: سميرة بدوي ..الحالة 313, التشخيص بارانويا. يجلس أمامي يحاورني, أحيانا أجاوبه وأحيانا أصمت..أتعمد الصمت حتى أستفزه لأن بشرته البيضاء تتحول حينها لوردية اللون وتحمر وجنتاه غضبا فتزداد وسامته. هو يعرف كم انا جميلة وأنوثتي طاغية رغم الثوب الغبي الذي أرتديه بهذا المكان. أرى ذلك في عينيه حين يواجهني بالأسئلة وحين يبتسم عندما أتحدث وحين يتعمد إطالة الجلسة بلا داع, أعرف أنه لا يحبني لكنني لم أتوقع أنه يحب غيري كما لم ترق لي بعض كلماته. كان ذلك يوم الثلاثاء الماضي عندما دخل غرفتي كالمعتاد صارخا مهددا بالاستقالة لكنه أضاف بصوت منخفض اعتقد أنني لم أسمعه:"واما نشوف بنت المجنونة دي كمان اخرتها اية" خلع معطفه الرمادي ووضعه على الكرسي أمامه. في هذا اليوم صمتت تماما واحمر وجهي مثلما حدث معه. نادته الممرضة فخرج, استفزني اللون الرمادي للمعطف فوجدتني أمسك به وأفتش جيوبه حيث وجدت صورة القبيحة التي يحبها وهو معها والخواتم تزين أصابعهما إذن يتعمد النذل أن يخلع خاتمه عندما يأتي لي. كان يرتدي بدلة رمادية وربطة عنق رمادية وتطل من عينيه نظرات عشق تقتلني أنا. وضعت المعطف وجهزت الخطة. اعتدت تزيين شفتي بأحمرالشفاه قبل زيارته وكنت أجد ذلك يروقه. حسنا ها هو, حمدت الله أن الممرضات بهذا المشفى يفعلن أي شيء من أجل المال وأنا لدي المال. ابتاعت لي الممرضة سما فوري القتل باهظ الثمن خلطت السم مع احمر الشفاه الذي أصبح كالعجين ثم وضعت الكثير منه بمهارة وتخلصت مما بقي منه ثم جاء حبيبي. نظرات الإعجاب بعينيه تقتلني عشقا, اقتربت منه وباغتته بتقبيلي له الذي رحب به لكنني لم أتوقع أن يسري السم بجسده بهذه السرعة, لقد كانت ممرضة مخلصة إذن وأنا أجزلت لها العطاء. وجدته يتلوى على الأرض ويسقط صريعا جثوت بجواره وأزلت عنه وعني آثار أحمر الشفاة وألقيت بالمحارم وما بقي من أحمر الشفاة بالقمامة ثم داهمتني الآلام بالمعدة وفقدت الوعي. يقولون أن جرعة السم خاصتي كانت قليلة وأنا الآن بالمشفى ولا أحد يعرف كيف مات هو أو تسممت أنا. يقبل نحوالغرفة شاب أسمر أنيق أسمعه يصرخ أيضا مهددا بالاستقالة, دلف للغرفة مبتسما بوجهي ابتسامة إعجاب قائلا: "أنا الدكتور أحمد الي هاكمل علاجك ان شاء الله." لا يرتدي خاتما بإصبعه لكنه يرتدي أيضا بنطالا رماديا وقميص أبيض مائل للرمادي, أنظر للحائط الرمادي للمشفى أجد كتب عليه عبارة بالانجليزية تقول: " I quit" أغمض عيناي وأتخيل جيدا صورة الدكتور أحمد الذي سيكمل علاجي لكنه الآن معلقا من رقبته على نافذة غرفتي الخاصة. 

Wednesday, February 8, 2017

نداء الولاء(5)

ظلام الليلة دامس, خرجت دون علم أبي متوجهة نحو المقابر, صندوق قمامة عتيق صديء, العديد من القطط تفتش عن شيء من طعام لكنها لاتجد, اقتربت منهم وتقدمت قليلا, نظرات الفزع في عيونهم تشجعني لأقترب أكثر, أصوات موائهم توحي بشجار حول قطعة طعام صغيرة لن تكفي أحدا, لا تقلقوا فواحد منكم اليوم سيكون وجبتي المسائية ويمكنكم عندئذ الاستمتاع بنصيبه في الطعام. فلتبحث لك يا نداء عن فتاة رقيقة لا تمتص دماء القطط الحية بل ربما تدلل إحداهن أما أنا فلست تلك من تحلم بها. ربما أنني لا أدلل القطط لكن ماذا عن الفتيات الرقيقات اللاتي يدللن القطط؟ وهل لديهن خطايا؟ ربما خطيئتي أنا أقل منهن فاحلم وابحث لكنك لن تجد ملاكا يمشي على تلك الأرض. عيون القط خضراء متوهجة في الظلام, عيناي مثبتة على عينيه, القلق جعل شعره ينتصب ودماؤه تسخن وفرائصه ترتعد ولا يقوى على الهرب كأقرانه, لحظة واحدة وكان بين يدي ثم بين أنيابي يصرخ ألما وخوفا وفزعا وعندما انتهيت منه ألقيت الجثة بالصندوق الصديء كتلك الحياة التي أحياها. التفتت لأرى نداء, عيونه مصوبه بقوة في عيني, مسحت فمي من الدماء جيدا ثم حاولت تجاهله والخروج للشارع الرئيس.
أمسك بذراعي برفق قائلا:
ولاء..لم تحاولي الاتصال بي طوال الفترة الماضية بل لم تتركي لي رسالة واحدة..اعتقدت أنك تحبينني.
أرخيت ذراعه من ذراعي وسألته: منذ متى وأنت هنا؟ ماذا رأيت؟
ابتعد قليلا قائلا: -شاهدت المشهد كله.
نظرت في عينيه بتحدي قائلة: وهل راق لك؟ 
ابتسم قائلا بخبث: نعم كثيرا لدرجة لم أتوقعها.
ابتسمت قائلة: لأي درجة مثلا؟
اقترب مني قائلا: لدرجة أنني تمنيت لو كنت أنا ذلك القط وأموت على يديك الناعمتين. 
قهقهت كثيرا ثم لم أجد ما أقوله سوى: نداء أنت رجل مجنون.
اقترب مني حتى شممت عطره القوي قائلا: مجنون بك ولن أتخلى عنك ما حييت. هل يمكنني توصيلك للمنزل؟
أجبته: سأسمح لك أن تنال هذا الشرف لكن إحذرأن تجعلني أبكي ثانية.
أمسك راحة يدي وقبلها قائلا: أعدك لن أفعل يا أميرتي المتوحشة.
دفء السيارة في الليلة الباردة أعاد لي مشاعري وعواطفي تجاهه لكن كرامتي أبت حتى أن تسمح لعيوني بالنظر له. قبل أن ينطلق بالسيارة أخرج علبة حمراء صغيرة وفتحها, قدمها لي قائلا: ولاء, اقبلينني زوجا لك. الخاتم كان رائعا وسعادتي فاقت كل سعادة شعرت بها طيلة حياتي لكنني التجأت للصمت وسألته:
-ماذا عن والدتك؟ ألن تعترض؟
ابتسم قائلا: لا لقد حادثتها ولا مانع لديها.
أغلقت العلبة الصغيرة ووضعتها في تابلوه السيارة قائلة:
-نداء, والدي لن يسمح بهكذا زواج فهو ضد أي مختلف عنا كما أنه مصمم على تزويجي بابن عمي.
أمسك يدي الباردة وشعرت بدفء يده قائلا: لا تقلقي يمكننا تدبر الأمر كما لو أنه أصر يمكننا الزواج بالنادي.
-أي نادي؟
-نادي المختلفين حيث يمكنهم توفير الضحايا لك البشرية والحيوانية.
-أنا لا أتناول سوى دماء الحيوانات لا يمكنني تناول الدماء البشرية.
ابتسم قائلا: إذن فانت رقيقة حقا.
ضحكت وقلت: كما أنني لا يمكنني الانضمام للنادي فأبي لن يوافق وأنا لا أستطيع اتخاذ قرار بدون موافقته.
صمت نداء قليلا وظهرت بوادر حزن على وجهه لكنه سرعان ما ابتسم قائلا: دعك من هذا سنجد حلا بإذن الله, ما رأيك في مشروب دافيء بالمقهى القريب من المنزل, أود الحديث معك عن قرب.
سعدت باقتراحه ووافقت كطفلة صغيرة فحتى لو لاحظ أبي اختفائي فلن يفكر لحظة انني مع نداء. انطلقنا بالسيارة نحو المقهى ودفء السيارة يضج بالموسيقى والعطر وشبح الحب السعيد يبتسم لي من خلال الزجاج. 


Monday, February 6, 2017

نداء الولاء 4

اتخذت مكاني على مقود السيارة واتجهت بنظري للأمام كي أتلافى نظرات ولاء. عندما اقتربنا من البناية طلبت مني ولاء التوقف قليلا. نظرت إلى, كانت عيناها البنيتان تشبهان بندقتان شهيتان لكنني لم أستطع إطالة النظر لهما خجلا فهممت بالانطلاق بالسيارة لكن ولاء استوقفتني واقتربت مني قليلا واضعة رأسها فوق كتفي وقالت: أحبك. 
رائحة شعرها البني المنسدل على كتفي استفزت رجولتي وكنت على وشك احتضانها لكنني أبعدتها عني قائلا: ولاء أنا أيضا أحبك لكن فلنذهب من هنا, لا أحب أن يرانا أحد. 
نظرت لي بعتاب قائلة: أعرف أنك تحبني وأريد أن أتأكد فأردفت مبتسما:  انا أخشى عليك من الناس ومن نفسي كما أنني أخشى عليك من الدماء في قميصي. 
نظرت للدماء في قميصي قائلة: أنا لا أخشى الدماء.
عقدت حاجبي دليلا على عدم فهمي وسألتها: لأنك طبيبة ربما؟
اعتدلت في جلستها وابتسمت قليلا وقالت: أود ان أخبرك بأمر سوف يسعدك نداء, أنا مثلك. 
فوجئت بكلماتها التي اعتقدت أنني لم أفهمها جيدا وسألتها: كيف ذلك؟ أنتي مذؤبة؟
نظرت في عيني مباشرة قائلة: لا.. لكنني مختلفة أيضا فأنا من عائلة من مصاصي الدماء.
نظرت للطريق أمامي وضغطت على دواسة البنزين بقوة جعلتنا نسرع كثيرا حتى وصلنا لأبعد من البناية ثم وجدتني غاضبا جدا فتوقفت وطلبت منها النزول من السيارة فورا والتوجه لمنزلها بلا كلام. كان رد فعلها طبيعيا فقد رفضت النزول واحمر وجهها غضبا وقالت لي: ما بك؟ ألست سعيدا؟ وجهت نظري بعيدا نحو النافذة التي بجواري ولم أرد. طالعتني في برود قائلة: أرى أنك لست سعيدا وربما لا يشرفك الارتباط بفامبير مثلي. انتظرت ردا مني لكنني لم أجبها ففتحت الباب المجاور لها وخرجت مسرعة نحو باب البناية, التفتت نحوي فلمحت عينيها مغرورقتان بالدموع لكن غضبي كان أكبر من دموعها فوجهت نظري للنافذة مرة أخرى. 

أسبوعان منذ ذاك الحين وأنا ملتزم المنزل مقاطعا للناس العاديين منهم والمختلفين, مقاطعا لجميع وسائل الاتصال ولا أرى إلا والدتي قليلا جدا فحجم الحدث كان أكبر من استيعابي, ولاء أميرتي الرقيقة ليست سوى فامبير حقير يتغذى على الدماء ذو غريزة إضافية غير مبررة مثلي تماما. وجدت نفسي أرتدي ملابسي وأخرج قاصدا نادي المختلفين على غير العادة فربما أستطيع هناك أن أتعرف على ماهية مشاعري فأنا مختلف وحبيبتي مختلفة أيضا ويبدو أن قدري الحياة كالمختلفين للأبد. المكان صخب ومرح كالعادة, استقبلتني سالي بترحاب كبير ولم أظهر لها كراهيتي المعتادة فالجميع الآن لدي سواء. جالس على البار أحتسي كوبا من العصير باغتني رائد بسؤاله:
-ما بك نداء أراك حزينا؟
التفتت إليه قائلا: -لا شيء فأنا أحب فامبير.
فوجيء بالرد وكأنه أسعده قال: إذن تحب سالي؟
-لا بل ولاء جارتي.
-ولم لا تأتي لتنضم للنادي؟ ولم أراك حزينا؟
شعرت بالملل من أسئلته الغبية فأجبته: لأنني لم أدعوها لتنضم للنادي كما أنني لست سعيدا مثلك باختلافها.
تعجب رائد قائلا: أنا لا أكاد أفهمك..أنت ترفضها لأنها مختلفة؟ إذن فأنت ترفض نفسك.
-نعم حقيقي, كنت أود التخلص من هذا الاختلاف مع إنسان طبيعي ولم أكن أحلم بامرأة تقضي مساءها في تمزيق الحيوانات وامتصاص دماءها.
مرت فترة من الصمت بيننا أعقبها رائد برده: هون عليك يا صديقي, الأمر بسيط جدا لدينا غريزة إضافية مثل الجوع والحاجة للجنس وغيرهم وهبنا الله إياها ووجب علينا توظيفها كيلا تتحول لشهوة أو مرض ولذا وجب عليك أن تجعل ولاء عضوة هنا.
فكرت بحديثه وأجبته: ربما.. عندما أتقبل كلامك, ربما كلامك صحيح لكنني ما زلت أجد الأمر صعب. 
ربت رائد على كتفي قائلا: هون عليك يا صديقي فالخيال دائما ما يهيء لنا الحب وكأنه شيء ملائكي خلق للملائكة اوالأميرات لكننا ما زلنا بشر. تركني وحيدا مع أفكاري التي رافقتني أيضا في طريق عودتي وما زالت تؤرقني, فهل ما زلت أحبها؟ أم أحببت رقتها التي طالما بحثت عنها في ذاتي ولم أجدها؟ هل ما زلت أحبها رغم عيوبها التي هي ربما أقل من عيوبي؟؟ فلندع الأيام تفصح عما تخبئه نفوسنا ولا ندرك حقيقته إذن. 

Sunday, February 5, 2017

نداء الولاء 3

-أهلا ولاء..كيف حالك؟ افتقدتك كثيرا الشهر الماضي.
-نداء حمدا لله أنه أنت.
-لم ترتعشين؟
-ظننتك أحدهم.
-من تقصدين؟
-شابان وقحان كانا يحاولان مضايقتي منذ قليل بسيارتهما.
-لا تهتمي فمن يضايقك أمزقه.
ضحكت برقة قائلة: لا تبالغ نداء.
-لا أبالغ هكذا تكون معاملة الأميرات.
-أميرات؟ دعني أخبرك شيئا, أنا لست أميرة فالأميرات لا يضربن ووالدي يضربني, الأميرات لا يقهرن وهو يقهرني, الأميرات لا يحبسن مثلي بالأشهر.
-إذن فأنت أميرة حقا, سندريلا ضربت وروبنزل حبست وبيضاء الثلج قهرت.
ضحكت كثيرا فسألتها:
-أتسمحين لي بتوصيلك للمنزل في سيارتي المتواضعة؟
- لا مانع لدي.
برزت فجأة سيارة من الخلف ترجل منها شابان ضخمان قال أحدهما:
-إذن هذا هو بطل الليلة.
رد صاحبه: فلنتسلى قليلا.
الأول: اترك لنا الحلوة وخذ ما تريد أيها الصغير فالحفل اليوم ينقصه جميلة صغيرة سهلة الافتراس.
ضحك صاحبه قائلا:
ولم لانفترسه هو أيضا فهو حلو مثلها.
قهقه الشابان وكتمت غيظي حتى آلمتني معدتي, قاومت نداء الغريزة لافتراسهما قائلا:
-أفضل أن ترحلا من هنا الآن.
الأول: لن نرحل بل سترحلا أنتما معنا.
اقترب الثاني من وجهي حتى شممت رائحة أنفاسه الكريهة قائلا: ألم تلحظ يا صغيري أننا ذئبان بشريان.
قالها مرة أخرى وهو يجحظ عينيه لإخافتي ويغلظ صوته: ذئبان بشريان ثم قهقه كلاهما وعندئذ لم أتمالك نفسي. نسيت ولاء وتصرفت تلقائيا معهما أمسكت الأول بيدي اليمنى والآخر بيدي اليسرى وتلفتت بهما مواجها الحائط حيث اصطدم رأساهما وعلا صراخهما وجدتني أقول لهما: أنتما كلبان بشريان فالذئاب لا تغدر, الذئاب لا تغتصب, الذئاب لا تمزق إلا من يقترب منها. ألقيت بالأول على الأرض فسقط مترنحا ثم وضعت حذائي فوق رقبته لأمنعه من الحركة ثم أنشبت أنيابي في رقبة الثاني ممزقا إياها وعندما سمعت صوت طقطقه حنجرته تركته ليسقط أرضا ثم ركعت حيث الأول مزقت سترته بمخالبي ثم أنشبتها في معدته وألقيت بأحشائة خارجا لكنه لم يمت فأجهزت عليه بأنيابي التس استقرت في رقبته سريعا. رفعت عيناي ليلتقيا بأجمل نظرة رأيتها بحياتي, كانت ولاء تنظر لي بحب وهيام لم أتوقعهما, توقعت أنها هربت وخافت عندما عرفت حقيقتي, لكنها تقدمت نحوي ببطء وفتحت حقيبتها وقدمت لي الكثير جدا من المحارم الورقية لأنظف يداي ووجهي, كان خجلي بحرا أغرق فيه لكنها اقتربت مني بهدوء وساعدتني في إزالة الدماء ثم ولدهشتي أهدتني بقبلة صغيرة على وجنتي وقالت: أحبك. هيا بنا من هنا الآن فلا داعي لوجودنا. استقلت السيارة بجواري وتمالكت نفسي لأستطيع القيادة فآثار قبلتها ما زالت حارة فوق وجنتي. 

Saturday, February 4, 2017

نداء الولاء (2)

قلبي يسع العالم لكن العالم لا يدخل قلبي
أسترضيه حنانا حبا وترانيما
أزرع في ليل القارات الست أعوادي كي تنبت أو يثمر حبي
ترفضني
ترفض كل منابت حسي
يرفض هذا الجسد المتصلب وجهي
يرفضني
في أزمنة الرفض القابع في أوردة العالم...أرفض نفسي..."مصطفى فتحي"
....................................................................................
"نداء"

أمام المرآة أتأنق, أبدو وسيما أوشيطان وسيم كما كان يقول والدي رحمة الله عليه. اخترت حلة كلاسيكية سوداء وقميصا أبيض متناسقين مع لون بشرتي البيضاء, مر شهر كامل تقريبا ولم أرها ..أين أنت يا ولاء؟ يا قطعة سكر وأنا لك ماء. 
-شيطان وسيم حقا كما كان يلقبك والدك.. نداء.
ضحكت وقبلت أمي.
-ذاهب للنادي؟
-نعم ماما. 
-وكل هذه الأناقة من أجل النادي أم هناك أميرة تتأنق لها؟
ابتسمت وشعرت بالحرج فاستأذنت والدتي في الخروج. 
نادتني قائلة: -نداء خذ حذرك وحافظ على أناقتك. 
ودعتها بابتسامة وخرجت. 
سيارتي تم إصلاحها والقيادة اليوم ستكون أفضل حيث ضوء القمر المكتمل يرشدني للطريق للنادي. اتخذت مكاني أمام المقود ورحت أقود في هدوء وأنا أسمع فيروز تغني:
"قديش كان في ناس ع المفرق تنطر ناس
وتشتي الدني ، ويحملوا شمسية
وانا بايام الصحو ما حدا نطرني......."

ألا تنتظريني ولاء ولو يوم واحد..أبحث عنها بعيوني عبر الطرقات..ما هذا؟ هل أحلم؟رأيتها..نعم هي لكن تسرع الخطى نحو شارع جانبي ..أوقفت السيارة ورحت أنادي عليها..ترجلت وبحثت عنها كثيرا في الشارع الخال لكنني لم أجدها. هل كنت أحلم؟ عدت للسيارة واكملت طريقي للنادي.
بنادي المختلفين حيث سجلت منذ عدة أعوام عندما اكتمل بلوغي وصرت مذءوبا حقيقيا وبدأت علامات التحول تظهر على كلما اكتمل القمر يقدمون لي الضحية كل شهر ..أنا لست مذءوبا شريرا كما أن تحولي لا يشوه جسدي بالمرة فقط أسناني وأظافري تتغير قليلا لكنني لا أستطيع افتراس الأبرياء. مجرد إرث وولاء لنداء غريزي تميز به جنسنا وورثه آبائي عن أجدادي أما النادي فهو لجميع المختلفين وليس المذءوبين فقط كما أن خدماته وأنشطته متعددة.
طرقت الباب وكالعادة الترحيب بي يشملني سعادة وحبور رغم أنني لست من الأعضاء المميزين بالنادي لكن القائمين عليه ودودين ومعطائين.
رحب بي السيد رائد أكبر الأعضاء سنا قائلا:
-أهلا نداء..تفضل أخي. قدم لي كأسا من عصير برتقال وأجلسني معه فوق البار.
-اليوم لديكم حفل, أليس كذلك؟
-نعم عيد ميلاد سالي. 
-آه..تنتمي لمصاصين الدماء هي أليس كذلك؟
-أشم في كلامك رائحة تعصب نداء جميعنا مختلفين لكن بلا تفرقة أو تحزب أو تشيع.
-أبدا أبدا لكن الفتاة لا تروقني بالمرة. "وكيف تقارن هذه المتوحشة بولاء البريئة الرقيقة"..حادثت نفسي 
-إنها تحبك وأنت تعلم.
-لكنني لا أحبها كما انها تحاول فرض نفسها علي.
اقتربت سالي من البار وقدمت لي قطعة كعك قائلة:
-افتقدتك كثيرا نداء فنحن لا نراك إلا كل شهر.
-أشكرك سالي لكن لا أحب الكعك..أستأذنك. وجهت كلامي لرائد:
-موعد تحولي قد اقترب هل الضحية جاهزة؟
-نعم في غرفة الالتهام الذي يستحقه فهو قاتل ومغتصب للفتيات الصغيرات.
-إذن الكثير من المرح ينتظرني.
-بالتأكيد.
استأذنتهم وتوجهت للغرفة حيث بدأت أشعر بعلامات التحول تنتابني وأتممت مهمتي على كامل وجه فقد كان الوغد يستحق حقا. 
..........................................................................................
"ولاء"
شهر كامل وأنا مقيمة عند عمي في الريف لكن كان يجب أن أعود فالدراسة انتظمت ووالدي قلق علي.كما أنه قلق على صحتي فأنا لا أتناول دماء بشرية. ولائي لجنسي من مصاصي الدماء لا يلزمني بأن امتص دماء بشرية. والدي لا يوافق على قناعاتي, العائلة كلها أطباء, يختارون ضحاياهم من المرضى الذين على وشك الموت والدي يقول أنه يريحهم من عذاب الآلام, لكنني غير مقتعه بذلك وسأظل أقتات على دماء الحيوانات فهي تكفيني. والدي يصطحبني في رحلات برية كثيرة ويجلب لي الحيوانات بوفرة في الريف عند عمي لكن هنا أحيانا أجوع ليلا وأشتاق للدم وأضطر للخروج بحثا عن قطة او كلب لكن والدي يضربني ويعنفني. لا أستطيع إلا تلبية نداء الغريزة. نداء, نعم أشتاق له, ربما أنني لا أحبه أو أخشى حبه. أعرف أنه رآني اليوم..تعرفت على سيارته عندما كنت في الشارع الخالي أصطاد القطط, كان من واجبي أن أهرب فما لشاب رقيق مثله أن يرتبط بمصاصة دماء. أتذكر طريق عودتنا الشهر الماضي في نفس ذلك اليوم حيث اكتمال البدر أضفى علينا رونقا مناسبا للحب وهأنذا اليوم بذات الطريق أسير وحدي أتسربل في وحدتي علني أجد لذاتي ملجأ. 
اقتحم عقلي صوت عجلات مسرعة خلفي على الأسفلت وصريرها لحظة توقفها جعلني أجن صارخة في القائد:
-أيها الغبي كدت تدهسني و ..........نداء؟؟ إنه أنت؟


Thursday, February 2, 2017

نداء الولاء (1)


"الحب إما أنه محض افتراء أو أنه موجود وموقوف محكوم عليه بالفناء أو أنه حكر على بعض البشر دون غيرهم أو أنه هنا في عالمنا الساحر فقط فدعينا نلهو قليلا ونستمتع بحضرته البهية. "

ليل الشتاء بارد والرياح الخفيفة تتهادى فوق أذني لتضرب رأسي وتحرك الأفكار بداخلها..أسرع الخطى حثيثا نحو المنزل حيث أمي والدفء وكوب من الكاكاو الساخن اللذيذ. اليوم الرابع عشر من الشهر الهجري, القمر مكتمل وقد انتهى اليوم بخير حال. أتلفت حولى, الشارع خال من المارة تقريبا إلا منها, رأيتها ورقص قلبي فرحا, ولاء أميرة من أميرات الأساطير, وجه أبيض ملائكي وعيون بنية وشعر منسدل طويل, أميرة الثلوج البيضاء أم سندريلا أنت؟ الحب لك ولك وحدك وهل يليق الحب إلا بالأميرات؟ خطوت ناحيتها بسرعة وجدتها تسرع الخطى أسرعت, التفتت للخلف نحوي غاضبة, الغضب زادها جمالا وأناقة. 
-لم تتبعني؟
تلعثمت وخرجت حروفي مرتبكة: لا أتبعك فقط أردت قول: مساء الخير. أ...أ...هل أستطيع مرافقتك حتى المنزل فالشارع خال كما ترين وأنا...
اقتربت مني قليلا وقالت بدلال مميز:
-أنت ماذا؟ هل تهتم لأمري لهذا الحد؟
يكاد ينخلع قلبي من ضلوعي أجيبها: نحن جيران ونسكن ذات الشارع وذات البناية ربما أنني جار جديد لكم فقد تنقلت للعيش هنا منذ أربع أشهر فقط لكنني ..
ضحكت برقة قائلة:
-إذن فكلانا جديد على المنطقة لقد تنقلنا للعيش هنا فقط منذ ستة أشهر..اسمي...
قاطعتها: ولاء أعرف ولاء ابنة الدكتور السمري.
-وأنت؟
-لا تعرفين اسمي؟
قالت بخبث واضح: لا..لم اعتد رؤيتك هنا ..هلا عرفتني بنفسك؟
ياللكاذبة الجميلة أحب الفاتنات الخبيثات الصغيرات..جاوبتها
-اسمي نداء طالب بالسنة الأخيرة بكلية الهندسة.
-ياله من اسم مميز وغريب.
-حقا..ما رأيك نكمل حديثنا في الطريق للبناية؟
كانت إجابتها بسيطة حيث سارت معي بهدوء نحو البناية وتعمدت أنا أن يفصل بيني وبينها مسافة كافية لحماية حميميتها لكنها كافيه أيضا لأستنشق عطرها البهي. سألتها:
-ماذا تدرسين؟
-أدرس الطب كوالدي.
-لم ترغبي دراسة الطب إذن؟
-لا أعرف والدي أراد ذلك فكان كما يريد. وأنت هل اخترت الهندسة؟
-نعم ..أدرس هندسة الالكترونيات وقد اخترت المجال بنفسي فمنذ وفاة والدي تحرص أمي على تربيتي كرجل يعرف كيف ينتقي اختياراته جيدا. راق لها التعبير وربما فهمت المغزي الذي أقصده من ورائه فقالت: 
-أما أنا فلست جيدة في انتقاء الناس والأشياء تعودت أن يتم انتقاء كل شيء لي لكن ربما أغير رأيي. نظرتها أوحت لي بأنها ربما تشير لاختياري حبيبا لها فتجرأت وسألتها: هل تقبلينني صديقا لك؟
لم تجب بل نظرت لأعلى حيث شرفة الطابق الثالث حيث تسكن ووالدها ولاحظت ارتباكها حيث كانت نافذة الشرفة المغلقة تظهر ظل والدها خلف الستائر فقالت:
-أستمحيك عذرا فوالدي لا يحب أن أتأخر كثيرا. تركتني مسرعة نحو المصعد ويبدو انها لم ترد أن نصعد سويا حيث أسرعت بإغلاقه واختفت عن ناظري تماما لكنني ما زلت أحتفظ برائحتها في أنفي. انتظرت المصعد ممنيا نفسي بكوب من الكاكاو الساخن والمزين بقطع المارشمللو بأعلاه تماما كما تعده لي والدتي في ليالي الشتاء الباردة كهذه. أحبك أيها المصعد وأغار منك هكذا شعرت وأنا بداخله متوجها لشقتي بالدور الرابع, أنت مثقل مثلي بهواها وعشقها فرائحتها ما زالت تملأ هواك وتتنفس حيزك الضيق. 
جحظت عينا والدتي عند رؤيتي عند باب الشقة, أدخلتني ثم أغلقت الباب خلفي وانهارت في بكاء حار.
-ماذا حدث؟ لم أتأخر كثيرا ماما؟؟
-حذرتك كثيرا وطلبت منك كثيرا أن تحرص على مسح آثار الدماء من وجهك ويديك وملابسك لكنها ما زالت ..أشارت لقميصي حيث بقعة صغيرة من الدماء. 
-لكنها صغيرة جدا ولا يمكن لأحد ملاحظتها.
-ستقتلنا بإهمالك ..اقتربت مني والدتي وقد شعرت بأنها سببت لي حزنا دمر السعادة التي ملكتها منذ لحظات وقالت: 
يا ولدي..إنه قدرك وولاءك لبني جنسك فلا تكن ناقما أبدا من هكذا نداء فإنه نداء للولاء. وقعت كلماتها في قلبي وقع الخنجر المسموم فكيف تقرن هذا النداء بكلمة رقيقة مثل .."ولاء".  
.......................................................
"منزل ولاء"
دقات قلبي تتسارع وأنا داخل المصعد..سوف يعنفني والدي, لقد رآني معه وربما أنال عقابا أستحقه. أحاول أن أسرع من خطواتي لكن قدماي لا تكادا تحملاني, عندما فتح باب المصعد لم أر شيء سوى وجه والدي فقط. الغضب حول لون وجهه الأبيض للأحمر, سحبني من يدي داخل الشقة ثم أغلق الباب خلفنا ثم لم أع سوى صوت الصفعة فوق أذني.
-أخبرتك كثيرا أيتها الملعونة ألا تتحدثي مع أحد الجيران والليلة أراك عائدة مع هذا الشاب الذي لا نعرف له أصل؟ كيف جرؤت على ذلك؟ هل تريدين تدميرنا تماما؟ وما هذا؟ أيتها البلهاء ألم أحذرك كثيرا؟ ألم آمرك بمسح جميع آثار الدماء من وجهك ويديك؟ ما هذا؟ أشار لنقاط من الدم على كنزتي الصوفية قائلا؟ ستكون نهاية جنسنا على يديك؟ ألا تعلمين أيتها الغبية أي نداء تلبين وأي ولاء تحملين؟ تركني غاضبا حيث ترددت في أذني كلمة واحدة وهي كلمة "نداء" فكيف يقرنها بهذا النوع الغريب الذي ورثته من ولاء؟  

حديث من داخل الفرن

جالسة أنا أطالع وجوههم..نتبادل الدفء, يستعيرون مني قوة وأستعير منهم المرح. ربما تظنون أني وحيدة لكنني أحترق لأجلهم..لأجل تلك اللحظات الفريدة. أنت يا ذات الرداء الأزرق, قائدة رائعة تديرين الحوار وتطلقين النكات لنضحك جميعا, أحب قهقهتك يا ذات الخمار الأخضرفهي تجعلني أزداد سعيرا ولهفة لها. لم تطالعنني أيتها الفتيات الصغيرات؟ لا تخشون شيئا أنا هنا لخدمتكن فقط ضعن الأرغفة اللدنة لأجعلها لكن خبزا سائغا للطاعمين. أنا هنا لكن ولا أملك أي نوايا خبيثة لحرقكن ولكن احذرنني فأنا ربما إن أخطأت إحداكن أكون سببا للحزن وأنا لا أحب الحزن فأكملن دورة المرح تلك التي هي انعكاسا لدورة الحياة في سلام بدءا من ذاك الماجور اللين وانتهاء بي. 

البراح-نثريات مرهقة

كل شيء نابض بالموت ناطق بالحياة اسألوا الجاهل يعلم بل بلغوا الحلم ترهات النعاس حين يذكر لحظة مر فيها صوت عبر عقل واستكان يطرق ال...