Monday, February 6, 2017

نداء الولاء 4

اتخذت مكاني على مقود السيارة واتجهت بنظري للأمام كي أتلافى نظرات ولاء. عندما اقتربنا من البناية طلبت مني ولاء التوقف قليلا. نظرت إلى, كانت عيناها البنيتان تشبهان بندقتان شهيتان لكنني لم أستطع إطالة النظر لهما خجلا فهممت بالانطلاق بالسيارة لكن ولاء استوقفتني واقتربت مني قليلا واضعة رأسها فوق كتفي وقالت: أحبك. 
رائحة شعرها البني المنسدل على كتفي استفزت رجولتي وكنت على وشك احتضانها لكنني أبعدتها عني قائلا: ولاء أنا أيضا أحبك لكن فلنذهب من هنا, لا أحب أن يرانا أحد. 
نظرت لي بعتاب قائلة: أعرف أنك تحبني وأريد أن أتأكد فأردفت مبتسما:  انا أخشى عليك من الناس ومن نفسي كما أنني أخشى عليك من الدماء في قميصي. 
نظرت للدماء في قميصي قائلة: أنا لا أخشى الدماء.
عقدت حاجبي دليلا على عدم فهمي وسألتها: لأنك طبيبة ربما؟
اعتدلت في جلستها وابتسمت قليلا وقالت: أود ان أخبرك بأمر سوف يسعدك نداء, أنا مثلك. 
فوجئت بكلماتها التي اعتقدت أنني لم أفهمها جيدا وسألتها: كيف ذلك؟ أنتي مذؤبة؟
نظرت في عيني مباشرة قائلة: لا.. لكنني مختلفة أيضا فأنا من عائلة من مصاصي الدماء.
نظرت للطريق أمامي وضغطت على دواسة البنزين بقوة جعلتنا نسرع كثيرا حتى وصلنا لأبعد من البناية ثم وجدتني غاضبا جدا فتوقفت وطلبت منها النزول من السيارة فورا والتوجه لمنزلها بلا كلام. كان رد فعلها طبيعيا فقد رفضت النزول واحمر وجهها غضبا وقالت لي: ما بك؟ ألست سعيدا؟ وجهت نظري بعيدا نحو النافذة التي بجواري ولم أرد. طالعتني في برود قائلة: أرى أنك لست سعيدا وربما لا يشرفك الارتباط بفامبير مثلي. انتظرت ردا مني لكنني لم أجبها ففتحت الباب المجاور لها وخرجت مسرعة نحو باب البناية, التفتت نحوي فلمحت عينيها مغرورقتان بالدموع لكن غضبي كان أكبر من دموعها فوجهت نظري للنافذة مرة أخرى. 

أسبوعان منذ ذاك الحين وأنا ملتزم المنزل مقاطعا للناس العاديين منهم والمختلفين, مقاطعا لجميع وسائل الاتصال ولا أرى إلا والدتي قليلا جدا فحجم الحدث كان أكبر من استيعابي, ولاء أميرتي الرقيقة ليست سوى فامبير حقير يتغذى على الدماء ذو غريزة إضافية غير مبررة مثلي تماما. وجدت نفسي أرتدي ملابسي وأخرج قاصدا نادي المختلفين على غير العادة فربما أستطيع هناك أن أتعرف على ماهية مشاعري فأنا مختلف وحبيبتي مختلفة أيضا ويبدو أن قدري الحياة كالمختلفين للأبد. المكان صخب ومرح كالعادة, استقبلتني سالي بترحاب كبير ولم أظهر لها كراهيتي المعتادة فالجميع الآن لدي سواء. جالس على البار أحتسي كوبا من العصير باغتني رائد بسؤاله:
-ما بك نداء أراك حزينا؟
التفتت إليه قائلا: -لا شيء فأنا أحب فامبير.
فوجيء بالرد وكأنه أسعده قال: إذن تحب سالي؟
-لا بل ولاء جارتي.
-ولم لا تأتي لتنضم للنادي؟ ولم أراك حزينا؟
شعرت بالملل من أسئلته الغبية فأجبته: لأنني لم أدعوها لتنضم للنادي كما أنني لست سعيدا مثلك باختلافها.
تعجب رائد قائلا: أنا لا أكاد أفهمك..أنت ترفضها لأنها مختلفة؟ إذن فأنت ترفض نفسك.
-نعم حقيقي, كنت أود التخلص من هذا الاختلاف مع إنسان طبيعي ولم أكن أحلم بامرأة تقضي مساءها في تمزيق الحيوانات وامتصاص دماءها.
مرت فترة من الصمت بيننا أعقبها رائد برده: هون عليك يا صديقي, الأمر بسيط جدا لدينا غريزة إضافية مثل الجوع والحاجة للجنس وغيرهم وهبنا الله إياها ووجب علينا توظيفها كيلا تتحول لشهوة أو مرض ولذا وجب عليك أن تجعل ولاء عضوة هنا.
فكرت بحديثه وأجبته: ربما.. عندما أتقبل كلامك, ربما كلامك صحيح لكنني ما زلت أجد الأمر صعب. 
ربت رائد على كتفي قائلا: هون عليك يا صديقي فالخيال دائما ما يهيء لنا الحب وكأنه شيء ملائكي خلق للملائكة اوالأميرات لكننا ما زلنا بشر. تركني وحيدا مع أفكاري التي رافقتني أيضا في طريق عودتي وما زالت تؤرقني, فهل ما زلت أحبها؟ أم أحببت رقتها التي طالما بحثت عنها في ذاتي ولم أجدها؟ هل ما زلت أحبها رغم عيوبها التي هي ربما أقل من عيوبي؟؟ فلندع الأيام تفصح عما تخبئه نفوسنا ولا ندرك حقيقته إذن. 

No comments:

Post a Comment

البراح-نثريات مرهقة

كل شيء نابض بالموت ناطق بالحياة اسألوا الجاهل يعلم بل بلغوا الحلم ترهات النعاس حين يذكر لحظة مر فيها صوت عبر عقل واستكان يطرق ال...