ظلام الليلة دامس, خرجت دون علم أبي متوجهة نحو المقابر, صندوق قمامة عتيق صديء, العديد من القطط تفتش عن شيء من طعام لكنها لاتجد, اقتربت منهم وتقدمت قليلا, نظرات الفزع في عيونهم تشجعني لأقترب أكثر, أصوات موائهم توحي بشجار حول قطعة طعام صغيرة لن تكفي أحدا, لا تقلقوا فواحد منكم اليوم سيكون وجبتي المسائية ويمكنكم عندئذ الاستمتاع بنصيبه في الطعام. فلتبحث لك يا نداء عن فتاة رقيقة لا تمتص دماء القطط الحية بل ربما تدلل إحداهن أما أنا فلست تلك من تحلم بها. ربما أنني لا أدلل القطط لكن ماذا عن الفتيات الرقيقات اللاتي يدللن القطط؟ وهل لديهن خطايا؟ ربما خطيئتي أنا أقل منهن فاحلم وابحث لكنك لن تجد ملاكا يمشي على تلك الأرض. عيون القط خضراء متوهجة في الظلام, عيناي مثبتة على عينيه, القلق جعل شعره ينتصب ودماؤه تسخن وفرائصه ترتعد ولا يقوى على الهرب كأقرانه, لحظة واحدة وكان بين يدي ثم بين أنيابي يصرخ ألما وخوفا وفزعا وعندما انتهيت منه ألقيت الجثة بالصندوق الصديء كتلك الحياة التي أحياها. التفتت لأرى نداء, عيونه مصوبه بقوة في عيني, مسحت فمي من الدماء جيدا ثم حاولت تجاهله والخروج للشارع الرئيس.
أمسك بذراعي برفق قائلا:
ولاء..لم تحاولي الاتصال بي طوال الفترة الماضية بل لم تتركي لي رسالة واحدة..اعتقدت أنك تحبينني.
أرخيت ذراعه من ذراعي وسألته: منذ متى وأنت هنا؟ ماذا رأيت؟
ابتعد قليلا قائلا: -شاهدت المشهد كله.
نظرت في عينيه بتحدي قائلة: وهل راق لك؟
ابتسم قائلا بخبث: نعم كثيرا لدرجة لم أتوقعها.
ابتسمت قائلة: لأي درجة مثلا؟
اقترب مني قائلا: لدرجة أنني تمنيت لو كنت أنا ذلك القط وأموت على يديك الناعمتين.
قهقهت كثيرا ثم لم أجد ما أقوله سوى: نداء أنت رجل مجنون.
اقترب مني حتى شممت عطره القوي قائلا: مجنون بك ولن أتخلى عنك ما حييت. هل يمكنني توصيلك للمنزل؟
أجبته: سأسمح لك أن تنال هذا الشرف لكن إحذرأن تجعلني أبكي ثانية.
أمسك راحة يدي وقبلها قائلا: أعدك لن أفعل يا أميرتي المتوحشة.
دفء السيارة في الليلة الباردة أعاد لي مشاعري وعواطفي تجاهه لكن كرامتي أبت حتى أن تسمح لعيوني بالنظر له. قبل أن ينطلق بالسيارة أخرج علبة حمراء صغيرة وفتحها, قدمها لي قائلا: ولاء, اقبلينني زوجا لك. الخاتم كان رائعا وسعادتي فاقت كل سعادة شعرت بها طيلة حياتي لكنني التجأت للصمت وسألته:
-ماذا عن والدتك؟ ألن تعترض؟
ابتسم قائلا: لا لقد حادثتها ولا مانع لديها.
أغلقت العلبة الصغيرة ووضعتها في تابلوه السيارة قائلة:
-ماذا عن والدتك؟ ألن تعترض؟
ابتسم قائلا: لا لقد حادثتها ولا مانع لديها.
أغلقت العلبة الصغيرة ووضعتها في تابلوه السيارة قائلة:
-نداء, والدي لن يسمح بهكذا زواج فهو ضد أي مختلف عنا كما أنه مصمم على تزويجي بابن عمي.
أمسك يدي الباردة وشعرت بدفء يده قائلا: لا تقلقي يمكننا تدبر الأمر كما لو أنه أصر يمكننا الزواج بالنادي.
-أي نادي؟
-نادي المختلفين حيث يمكنهم توفير الضحايا لك البشرية والحيوانية.
-أنا لا أتناول سوى دماء الحيوانات لا يمكنني تناول الدماء البشرية.
ابتسم قائلا: إذن فانت رقيقة حقا.
ضحكت وقلت: كما أنني لا يمكنني الانضمام للنادي فأبي لن يوافق وأنا لا أستطيع اتخاذ قرار بدون موافقته.
صمت نداء قليلا وظهرت بوادر حزن على وجهه لكنه سرعان ما ابتسم قائلا: دعك من هذا سنجد حلا بإذن الله, ما رأيك في مشروب دافيء بالمقهى القريب من المنزل, أود الحديث معك عن قرب.
سعدت باقتراحه ووافقت كطفلة صغيرة فحتى لو لاحظ أبي اختفائي فلن يفكر لحظة انني مع نداء. انطلقنا بالسيارة نحو المقهى ودفء السيارة يضج بالموسيقى والعطر وشبح الحب السعيد يبتسم لي من خلال الزجاج.
No comments:
Post a Comment