Monday, August 14, 2017

البحيرة الملعونة. قصة لكريمة الشريف

جالسة أطالع فيلم "بداية ونهاية" ضحكت عند سماعي لعبارة سناء جميل الشهيرة "بلاش انت عشان مستقبلك" قبل سقوطها وغرقها في مياه النيل, كنت أيضا أخبرهم بذلك ولكن قبل سقوطهم هم في بحيرتي الطينية تلك القابعة أسفل النهر في بلدتي الريفية التي لا يعلم عنها أحد ولا عن سكانها..كنت أخبرهم بذلك لأخلص ضميري فقط..عندما أبعدك عني أيها الشاب الطيب فاعلم أنك حقا طيب ولا تستحق العقاب وانفد بجلدك واهرب بعيدا جدا بل وصل لربك وأكمل حياتك في سعادة وراحة بال ولا تشكو الصد والهجر. أنا؟ أنا لا أعلم من أنا ولا كيف ولدت..تقول الحكايات القديمة عني في بلدتنا أنني ابنة زواج جان وبشرية لكنني أجدني بشرية جدا بل أكثر بشرية من البعض, ربما لدي بعض المواهب فقط؟ ربما أستطيع الطيران سريعا جدا أو الغوص في الماء بلا غرق وهكذا أشياء عادية بالنسبة للكثير من الآلات التي صنعها البشر أنفسهم وربما أنني أحيا الآلاف من السنين كما أنا شابة. يقولون أنها اللعنة تلك التي ورثتها عن زواج أبي وأمي وأن علي الايقاع بمئات الآلاف من الشباب في مياه البحيرة حتى أستطيع الاختيار وأصبح جنية كاملة أو بشرية وهو ما ليس باختيار مشجع بالطبع فسأختار بني والدي كما يفعل البشر, الابن على جنس ودين أبيه. أخبرني بذلك أيضا رسولا جنيا من أهل والدي وهو من يقم بعملية التعداد بالبحيرة, أخبرني أن العدد في البحيرة ما زال بحاجة للمئات من بني البشر فظللت أمارس ذات اللعبة..الاختيار ..نعم أنا لا أختار فهم يطرقون بابي ومن أجده بريئا أبعده أما من أعلم جرائمه الغرامية وأتوسم به الاستعداد التام للغرق أشجعه وأستدرجه للبحيرة وهناك نجلس تحت ضوء القمر ونتسامر حتى أسقط خاتمي في مياه البحيرة وأطلب منه الغوص والبحث عنه ثم..تعلمون البقية, إلى أن جاء يوم ما أخبرني جني التعداد بالبحيرة بأن العدد قارب الاكتمال ومطلوب شخص واحد فقط للغرق حينها لم أفكر فها هو الساحر الجديد القادم من بلاد بعيدة لقريتنا يطلب مساعدتي وعيونه تمتليء بالوجد والرغبة في القنص, يسمونه القناص لكنني جنية القنص الأزلية وهو مجرد بشري كما أن جرائمه الغرامية تستحق ألف عقاب...سنوات مرت من كر وفر ولم يذهب معي للبحيرة- ساحري الوسيم- وجني التعداد يسخر مني إلى أن جاء مساء طلب مني ساحري العاشق الذهاب معه حيث عشاء فاخر لكلينا, تسلحت بالحذر وبخاتمي وتعويذة الفرار ثم ذهبت معه, فوجئت به يأخذني حيث بحيرتي المسكونة بمئات الآلاف من الغرقى, جلسنا ولم نتسامر,أخبرني بأنه لا يستطيع خداعي وأنه ابن لزواج بشري من جنية وأن هناك لعنة ولابد من ملأ البحيرة بمئات الآلاف من النساء وأنني الرقم الأخير المطلوب للتعداد, ضحكت كما لم أضحك من قبل وقصصت عليه قصتي, حين طلب مني التضحية أخبرته بأنني لست مضحية وماذا عنه؟ سألته التضحية..صمت وما زال كلانا يبحث عن الرقم الأخير للبحيرة الملعونة وما زلنا نسير باللعنة, لسنا جان ولسنا بشر ولا يضحي أحد منا للآخر كما أن البشر تولوا عنا تماما.........

No comments:

Post a Comment

البراح-نثريات مرهقة

كل شيء نابض بالموت ناطق بالحياة اسألوا الجاهل يعلم بل بلغوا الحلم ترهات النعاس حين يذكر لحظة مر فيها صوت عبر عقل واستكان يطرق ال...